تقديم كتاب القصيدة المغربية بين التجديد والتجدد تكريما للشاعر حسن الأمراني
د.سعاد الناصر
الكتاب في أصله كان ندوة علمية دولية نظمتها فرقة البحث في الإبداع النسائي بتنسيق مع شعبة اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، شارك فيه عدد من الباحثين والشعراء
تمثل القصيدة المغربية حضورا قويا ضمن المشهد الشعري العربي العام، وقد أسهمت من خلال انخراطها الواعي في التجديد منذ ستينات القرن الماضي في تجدد شرايين الشعر، بانفتاحها على مرجعيات كونية وعربية، تعددت بتعدد الأجيال المتعاقبة بعد ذلك، وبتنوع السؤال الشعري الذي تبنته، وسعت إلى تشكيل رؤاها الخاصة، في ظل المستجدات والقضايا التي عرفها الواقع المعاصر، بآليات جمالية متنوعة و مختلفة. لكنَّ مآلاتِ الواقع الشعري المغربي تفرضُ علينا أن نستعرض تساؤلاتٍ عدة حول إغراق القصيدة المغربية في التجريب دون وعي معرفي أو نقدي، الأمر الذي يكاد يُفْقِدُها هويتها، التي حرص المجددون على تثبيتها، وما سبَّبه ذلك من ابتعاد المتلقي عن التفاعل معها، لذا كان من الضروري الوقوف عند المرجعيات الثقافية في القصيدة المغربية وما تنوء به هذه القصيدة من أسئلة التجديد ومدى خصوصياتها الذاتية وانفتاحها الكوني. والسعي الحثيث لمحاولة إثارة بعض جوانب الحركية الدؤوبة التي تعرفها، سواء على مستوى الإبداع أم على مستوى التلقي.
وكان من الطبيعي في هذا السياق أن يأتي استحضار التجربة الشعرية عند الدكتور حسن الأمراني بوصفها رمزا لأبرز التجارب الناضجة والمجددة للشعر في المغرب، التي تجاوزت حدود الزمان والمكان، ووضعت بصمتها الواضحة في الشعر العربي المعاصر، ليكونَ تكريـمُه تكريماً للقصيدة المغربية المجددة، الباحثة عن رهان شعري ونقدي يثبت هويتها ويميزها، وإعلانا في الوقت نفسه عن أهمية الأدب والشعر في بناء الحضارة الإنسانية، بما يمدها به من ذوق وجمال وارتقاء، وتعبير عما يخالج الذات من مشاعر جياشة تجاه مجموعة من القضايا المتنوعة، ببصيرة ووعي وحدس، والإنصات إلى القصيدة المغربية التي تستطيع الارتقاء بنا نحو معارج الجمال والدهشة والسمو.
وللتاريخ أسجل الترحيب الكبير الذي لقيته تنظيم هذه الندوة، ورغبة عدد كبير من الباحثين المهتمين للمشاركة فيها، سواء من المغرب أم خارجه، لكن الطاقة الاستيعابية لمثل هذه الندوات فرضت علينا عددا محدودا من الأساتذة المشاركين، الدين أبحروا بنا انطلاقا من العتبات النصية للشعر المغربي، مرورا بما يثيره من قيم إنسانية وفنية، وما ينسجه من رؤى ودلالات ذاتية وكونية، تتماهى مع المتخيّل الإنساني والهوية الجمالية، وتجعلنا نتشبث بالقصيدة بوصفها معبرا كونيا نلج من خلالها نحو الانتصار للجمال والتجديد في اللغة والأسلوب والبناء، والاشتغال على التجدد الشعري والذائقة الجمالية.
نثمن ما تقومون به في خدمة الادب المغربي بكل أجناسه وهذه الالتفاتة الطيبة التي تحمدون عليها لرمز من رموز الادب العربي والإسلامي الاديب الشاعر الأمراني. وخالص امنياتي لك بالتوفيق دائما وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.