الافتتاحية
ضرورة إشعال الفتيل
قبل إشعال فتيل المنارات، كان التأمل في الماضي والحال والمآل، وكان لا بد من السؤال حول مسوغات إصدار مجلة علمية محكّمة، تعنى بالإبداع النسائي في مختلف أنماطه الخطابية ووسائطه التعبيرية، وما يمكن أن تضيفه إلى المشهد النقدي والفكري والإبداعي. وحين أشعلنا الفتيل، أصبح الجواب والمؤمّل تجاوز أحكام القيمة، والتوصيفات الجاهزة، بمعايير تحتكم إلى الجودة والخصوصية الإبداعية والأسئلة الوجودية الخاصة بكل مبدعة، مهما تعددت الأصوات والتشكلات، وتنوعت التوجهات والموضوعات.
نصبو في “منارات” إلى تحفيز القابض على جمرة المعرفة والإبداع لفتح أفق جديد، لاستغوار ما حققته المرأة الكاتبة من تراكمات في المشهد الثقافي، بحثا عن مكامن الذات والأشياء والعالم، حيث اللغة تخترق تكلسات الكائن والممكن، حيث العبور نحو الشغف الإنساني، في كليته المطلقة، في جزيآته، وتشظياته،، يعانق المعجم والتركيب والدلالة والجوهر داخل النص الإبداعي، بآليات التحليل ومعطيات النقد، تكريما واحتفاء ودراسة.
نسعى إلى المساهمة في فتح قنوات جديدة لخطاب معرفي نقدي وإبداعي، يخترق الحياة في كل تجلياتها، من أجل مساءلتها وفهمها والنهوض بها واستخلاص الحلول لمشكلاتها، واقتراح سيادة حقيقية لقيم التحرر والمساواة والعدل والجمال والإبداع، تستجيب لتوقعات وانتظارات القارئ والباحث والمبدع، وتتطلع نحو ترسيخ وعي جمالي وتأمل نقدي، يرتبط بنسق معرفي، يتخذ أشكالا وألوانا من مقومات التجديد ومجالات التفكير.
وإذا كان كل نص أدبي أو فكري يحمل بصمة صاحبه، وتاريخ وجوده وأسئلته ورهاناته، فإن ما يجعله متجددا، قابلا للخلود، بالإضافة إلى جمالية شكله وأسلوبه، غناه الدلالي وعمقه وقدرته على التوالد في ضوء مختلف القراءات. الأمر الذي يعني أنه استطاع الحضور في ذاكرة الزمن، ومقاومة النسيان وتحدي الغياب، ورفض المبتذل بما امتلكه من معاني الحياة، ومقومات الدهشة والإبداع والابتكار.