تطوان/ بسمة نسائية
حول تيمة مثلثة الأضلاع تتقاطع بين الظلم والاعتقال والحرية والعدالة الاجتماعية، تدور أحداث رواية ” كأنها ظلة” للشاعرة والناقدة سعاد الناصر، والتي كانت لنا فرصة حضور حفل توقيعها بمدينة تطوان نهاية الأسبوع المنصرم.
تحكي هذه الرواية قصة محامية متمرنة اسمها أندلس تعرض خطيبها الأستاذ الطيب للاعتقال والسجن ظلما، إذ لُفّقت له تهمة مضاعفة، اغتصاب تلميذة وصدمها بالسيارة.
حُكم على الطيب بالسجن عشر سنوات، وفي زنزانته عاش فصولا مظلمة من حياته، بدأت في مخفر الشرطة أثناء التحقيق معه. لكن خطيبته أندلس ظلت مقتنعة ببراءته، فانطلقت تقوم بمحاولات وأبحاث عديدة بمساعدة أبيها إلى أن تمكنت من فتح التحقيق في القضية مجددا حين ساعدها نائب جديد (وكيل للملك) تعاطف معها لأنه كان يقرأ مقالات الطيب الأسبوعية على صفحات جريدة “البنيان المرصوص”، وكثيرا ما شك في أنها قضية لتصفية حساب لسان طويل آن له أن يُقصّ”.
أُطلق سراح الطيب بعد أن تقدم النائب إلى المحكمة بفتح قضية تتعلق بمجموعة من رجال الأمن تورطوا في عدد من الرشاوي، من جملتهم الضابط الذي تولى أول مرة التحقيق معه الطيب، واستطاع النائب أن يتوصل إلى كشف تزوير الخط، في توقيع محضر نُسب فيه إلى الطيب ما لم يفعله من أعمال إجرامية.
اللقاء نظمته رابطة أدباء الشمال، وقدم قراءة نقدية في هذه الرواية كل من الأساتذة فضيلة التهامي الوزاني وخالد البقالي القاسمي. فيما أسندت إدارة النقاش للأستاذ محمد نور بنحساين.
وفي كلمة بالمناسبة، كشفت المحتفى بها أن هذا العمل تطلب منها خمس سنوات من البحث والجهد، حاولت أن تقدم كما قالت عملا تلامس من خلاله مجموعة من القيم الإنسانية. وراهنت على مجموعة من الأشياء من بينها أن تكون الرواية مختلفة ومتفردة من خلال العمق الدلالي والجمالي، وأن تكون متحررة، فالإبداع بالنسبة لها هو التحرر والانعتاق ومحاولة مواجهة الحياة بآمالها وآلامها ومعاناتها.
وعن أصل عنوان الرواية “كأنها ظلة”، قدم الأستاذ البقالي مداخلة قيمة، شدت انتباه الحضور، مشيرا إلى كلمة ظلة التي جاءت في سورة الأعراف في قوله تعالى”وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، سورة تحمل الوعد والوعيد في نفس الوقت وتحمل المعرفة والعرفان في اللحظة نفسها.
الرواية حسب قراءة الأستاذ البقالي، لها قواعد، وسعاد الناصر كتبتها بنفس صوفي مقصود والدليل هو استحضار مقامات من ريبرتوار جلال الدين الرومي. فالرواية وإن قيل عنها بأنها لعبة، فللعب جديته، ولن يكتبها إلا من يتقن قواعد اللعبة. فالكاتبة يقول ذ. البقالي، بنت روايتها على مقامات صوفية وعلى رقصة السماح، فنجدها قسمت الرواية إلى سبعة فصول وأثثتها بسبع شخصيات.
الدكتورة سعاد الناصر، المعروفة بأم سلمى، وأضحت تعرف أيضا بسيدة ماستر الإبداع النسائي، حيث كانت وراء إحداث هذا الماستر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، تعتبر نموذجا حيا لمعنى الإصرار والطموح، وتجربتها الحياتية جديرة بالتأمل، حيث انقطعت عن الدراسة من أجل الزواج وهي في سن 14 سنة، تزوجت وأنجبت أربعة أطفال قبل أن تفكر في متابعة دراستها، سنة 1982 وتحصل بامتياز على شهادة الباكالوريا، فكانت هذه المحطة منعطفا حاسما في حياتها حيث سيرسم لبداية مسار علمي وأكاديمي وابداعي حافل بالعطاء والتميز. وها هي اليوم من النساء اللواتي يعتبرن علامة مشرقة في تاريخ المرأة المغربية المبدعة أستاذة أكاديمية وكاتبة وشاعرة وروائية.
اهتمت سعاد الناصر ولا تزال بقضية المرأة، ولها عدة مقالات حول هذا الموضوع، ونشرت لها سلسلة شراع المغربية، كتيب حول القضية النسائية بعنوان”بوح الأنوثة”.
اللقاء انتهى بتقديم شهادات تقديرية للمحتفى بها وللأساتذة الذين شاركوا فيه، واختتم بصورة جميلة صفق لها الحضور، ووقف حين فاجأت حفيدة الأستاذة سعاد الحضور وأهدت جدتها باقة ورد عطرة باسم كل أفراد أسرتها، حملت الكثير من معاني الحب والاعتزاز بهذه المرأة التي تحمل قلبا يفيض بالمحبة والعطاء.