بقلم: حسن الأمراني
من الروايات ما تقرأه في محطة القطار، أو في المطار، بانتظار رحلة لا تملك تحديد موعدها. تقرأ تزجية للفراغ، وتقصيرا لزمن الانتظار. ومن الروايات ما يحملك حملا على التأمل، واستحضار زادك المعرفي، وفتح مداركك الستقبال المجهول، لتزداد علما.
ورواية (طوق الفقد)، للدكتورة سعاد الناصر، هي من هذا النوع، فهي تحكم طوقها على القارئ لينفض عنه الكسل، وليجد نفسه في الجد، حاق الجد.
من أراد أن يزور القاهرة أول مرة، قد يستعين بدليل سياحي، أو بكتاب دون صاحبه فيه رحلته إلى مدينة المعز. إلا أن هذا الزائر لن يعرف القاهرة على حقيقتها إن لم يكن قرأ نجيب محفوظ، مثلا، أو غيره من الروائيين الكبار في مصر. فقد سجل هذا الروائي العبقري روح القاهرة، قديما وحديثا، في أعماله الروائية. فأنت تستطيع، من خلال رواياته، أن تعرف خان الخليلي، والسيدة زينب، وقلعة صلاح الدين، والأهرام، أو أن ترى الناس وهم في (ثرثرة فوق النيل)، أو في زيارة إلى (القاهرة الجديدة)، إلخ..
كذلك هو الشأن مع سعاد الناصر في رواية (طوق الفقد)، فأنت يمكنك الرحلة إلى تطوان، أو تطاون، كما ينطقها أهلها، وتطوف من خلال رواية “طوق الفقد”، في أزقتها، وساحاتها، من باب العقلة، إلى الفدان، وغرغيز، وطوريطا، وكيتان، وبوجداد، وبوعنان، والمحنش… ثم تغوص إلى خصوصيات المدينة، وعاداتها، في الأعراس وفي المآتم، مثل(يوم الظهور)، و(يوم النبيتة أو يوم الحناء). و(يوم البوجة)، و(العرطة =الدعوة، وهي تحريف لكلمة العرضة). وهكذا…